في البصرة: حقول النفط ومخلفات الحروب وراء ارتفاع معدلات الأصابة بالسرطان
التحقيق أنجز بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الأستقصائية وبدعم من cfi.
محمد الزيدي
نحو 600 شعلة غاز في حقول نفط البصرة جنوبي العراق، تنشر سحباً من
الغاز فوق المدينة التي كانت قد شهدت خلال أربعة عقود ثلاثة حروب والكثير
من مخلفاتها مازالت قائمة ليومنا هذا، في وقت يؤكد فيه متخصصون في البيئة
أن الأجهزة الحكومية غير قادرة على مواجهة التلوث في البصرة التي ترتفع فيها
معدلات السرطان والأمراض الأخرى.
والدة دواي ناجي(45سنة)من محافظة البصرة، مصابة بالسرطان، وترقد
في مستشفى الصدر التعليمي، فهو وهو قلق جداً لأنه سبق وان فقد شقيقته
الصغرى وابن شقيقه اللذين توفيا بالسرطان كذلك خلال العقد الأخير.
هو يسكن في حي دور معمل الورق بالدير شمالي البصرة، ويقول بأن
شعلة غاز تطلق انبعاثاتها ليل نهل من مسافة لاتبعد سوى كيلو متر
واحد فقط عن منزله. ويعتقد بأنها السبب وراء أصابات السرطان بين
السكان في عموم المنطقة.
ولايجد على الرغم من ذلك ،أي تحرك من قبل الجهات المعنية بملف الصحة
في توفير الأدوية والعلاجات الخاصة بالسرطان، في البصرة، وأن هنالك
مشكلة تأثير من إعطاء الجرعات الكيمياوية، وقد عجل ذلك وفقاً اليه في وفاة
شقيقته وأين شقيقه.
رافق والدته فيرحلة علاج إلى ايران وحصلت هناك على حصلت على خمس
جرعات كيماوية، وبلغت التكلفة ما يزيد عن 15 الف دولار. دون ان تظهر
عليها علامات تحسن مرجوة.
وهو الآن يواصل علاجها في مركز الأورام السرطانية بمستشفى الصدر
التعليمي بالبصرة، ويقطعنا للوصول إلى هناك 45كلو متراً ذهاباً وإيابا كل
أسبوع مع انتظار يصل إلى 10 ساعات في كل مرة قبل الحصول على العلاج
أو الجرعة وهو يضطر لشراء العلاجات بنفسه من خارج المركز الذي يستقبل في
اليوم الواحد فقط 10 حالات وهم من أصل آلاف المصابين بانوعا مختلفة من
السرطانات في محافظة البصرة الذي يزيد فيها أعداد السكان عن ثلاثة ملايين نسمة.
قلة الأدوية والعلاجات
أبو أحمد الشغانبي، موظف في دائرة كهرباء البصرة، يقول بانه فقد ثلاثاً من أفراد
عائلته نتيجة الأصابات السرطانية. يغالب دموعه وهو يستعيد ذكراهم، إذ توفي
ابنه أحمد سنة 2013 متأثراً بورم سرطاني خبيث في رأسه.
وفي سنة 2019 توفيت ابنته رقية التي كانت تبلغ من العمر 6 سنوات بذات المرض،
وفي السنة نفسها توفي ابنه حسن(3 سنوات) بسرطان أصاب رأسه كذلك. ولم تنتهِ
قصة الشغابي المأساوية عند هذا الحد فقط، إذ تبين في شباط/فبراير2024، أن
ابنته حميدة( 5 سنوات) مصابة بسرطان الغدد اللمفاوية وهي تخضع للعلاج حاليا
في مستشفى الوارث بمحافظة كربلاء، وأكتشف بعدها بأسابيع إصابة طفلته الصغرى
أم البنين وهي بعمر سنتين فقط، بتورم في الغدة النخامية.
تأخذه لحظة شرودٍ قبل أن يؤكد خضوع ابنته حميدة لخمسة عشر جلسة تلقي جرع
كيماوية في مستشفى الوارث، ويبين:”تتلقى حقن كيمياوية على مدى أربعة ايام في
الاسبوع وبعدها تمنح استراحة لمدة اسبوع ومن ثم يعطونها حقناً أخرى، وام البنين
كذلك ترقد في ذات المستشفى وتتلقى العلاج”.
الشغابي يتهم الحكومتين المحلية في البصرة والمركزية في بغداد بالتقصير، لعدم
توفيرهما العلاجات الأساسية في المراكز السرطانية، وإهمال ذوي المصابين”يضطر
الكثير منهم إلى بيع منازلهم وكل ما يمتلكونه لتغطية تكاليف معالجة مرضاهم”يقول
منفعلاً.
ندرة الادوية السرطانية الفعالة واستغلالها من قبل الفاسدين في تجارة الأدوية السرطانية
تؤكدها عضو لجنة النزاهة النيابية عالية نصيف، التي تقول بأن جزءاً من رؤوس الأموال
العائدة لسياسيين بارزين(لم تسمهم بالاسم): “وظفت عبر شركات خاصة لافتتاح معملين
لصناعة الادوية السرطانية في البلاد، وهي قائمة على استيراد العلاجات من الهند وايران
وتغلف على أنها عراقية الصنع”. ووصفت المعملين بأنهما” مشروعان لقتل المرضى”.
ويؤشر رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي، حاجة البلاد الى أجهزة متطورة في
التشخيص وضرورة تغطية النقص الحاد في العلاج الاشعاعي بالعديد من المراكز الطبية،
بسبب ارتفاع أعداد المصابين، كما يؤكد شحة كبيرة في علاجات الأمراض
السرطانية والبيولوجية وارتفاع تكاليفها.
ويتابع شنكالي قائلا:”في موازنة العام 2023 خصصت الحكومة 200 مليون
دولاراً لشراء الأدوية السرطانية، كما خصصت قرابة 250 مليون دولاراً لتغطية النفقات
الحاكمة وهذه المبالغ غير كافية، ولا ترقى لمعاناة الناس وحاجاتهم مقابل حجم الاصابات”.
ويلفت إلى أن شركات الصناعة الدوائية المحلية لاتسد سوى 15% من الحاجة للأدوي
ة السرطانية، وذلك بسبب:”الخسائر التي تكبدتها تلك الشركات مثل شركة سامراء
للأدوية التي خسرت خلال أول 10 أشهر من عام 2022 ما مجموعه 31 مليار دينار”.
وتقدم وزارة الصحة خدماتها، في أربع مراكز لعلاج الأورام السرطانية للأطفال
أحدهم في البصرة، وخمسة مراكز للعلاج الإشعاعي، وثلاثاً وعشرين مركزاً للعلاج
الكيميائي في عموم العراق، وهو ما يراه مختصون غير كافٍ.
ويطالبون بوضع خطط قصيرة وطويلة المدى، للوقاية من السرطان عبر تقليل المسببات،
فضلاً عن الاهتمام بالمصابين من خلال توفير العلاجات والأدوية والأجهزة المطلوبة
بدلاً من تحميل ذوي المرضى تكاليفها الباهظة واضطرار الكثيرين منهم للسفر إلى
خارج البلاد من اجل تلقي العلاج.
تجاوزات على البيئة
في العام 2018 أجرت المنظمة الالمانية لحقوق الانسان التي تتخذ من محافظة
البصرة مقراً لعملها زيارة ميدانية لمناطق قضاء المدينة شمالي البصرة للوقوف
على ما تعانيه تلك المناطق من ارتفاع لافت في معدلات الاصابة السرطانية ونسب التلوث.
ووفقا لما يقوله رئيس المنظمة الخبير البيئي د. سعد الجبوري، فقد سجلت المنظمة
1200 حالة سرطانية في مناطق شمالي البصرة خلال ثلاثة أشهر فقط، وهي مدة
بحث ميداني أجري في 2018. ويربط ارتفاع نسب السرطان بين الأهالي، بتفاقم
الملوثات الهوائية المنبعثة من الحقول النفطية في تلك المناطق.
واكد تسجيل مختصين في المنظمة ارتفاعا في نسب الكربوهيدرات التي تخرج من
الشعل النفطية “بتراكيز مرتفعة جدا بالتالي يزداد تأثيرها على صحة الانسان” وان
الأمر هذا مازال قائماً.
ويتابع” لاحظنا ان الشركات النفطية لا تبعد بمسافة 15 كم عن المدن السكنية كما هو
معمول في دول العالم ، بل العكس فأن بعض الشركات تبعد 4 كم أو أقل عن التجمعات
السكنية التي تضم من 750 الى مليون الف نسمة، ولذلك لا يستبعد ارتفاع نسب
الاصابة مع ارتفاع تراكيز الملوثات النفطية”.
ويبدي د. سعد مخاوفه من أن عدم معالجة الانبعاثات الغازية والتلوث الناتج عن استخراج
النفط وعدم استخدام التقنيات الحديثة خلال الــ 15 عشر سنة القادمة، قد يؤدي إلى ارتفاع
نسب الامراض السرطانية بنسبة60% بين سكان المحافظة .
احصائيات متباينة
سجلت محافظة البصرة منذ عام 2004 ولغاية عام 2022 وفقا لعضو مجلس
النواب السابق حيدر المنصوري، معدلات مرتفعة بالسرطان بلغت 27397 إصابة
سرطانية، قال بأنها مسجلة لدى وزارة الصحة، وأن وهناك قرابة 40 الف إصابة
غير مسجلة في المحافظة حتى الآن.
فيما يقول عضو مجلس النواب أحمد الربيعي أن أعداد إصابات السرطان وصلت
إلى 31392 من 2004 لغاية عام 2022، وأبرزها سرطان “القولون والمثانة والغدد
اللمفاوية وسرطان الثدي”.
وينبه الربيعي إلى أن معدل حالات الوفيات في مركز الأورام بمستشفى الصدر التعليمي
بسبب السرطان تصل إلى 60 حالة شهريا، بسبب “نقص الأدوية الخاصة بعلاج هذا
المرض” كما يقول.
وهنالك في العراق من يعتقد بأن الأرقام أكبر بكثير مما تعلنه وزارة الصحة، من
بين هؤلاء مهدي التميمي، مدير المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، الذي
ذكر في تصريح صحفي نشر في آذار/مارس2024، بأن هنالك 9 ألف إلى 10
ألف حالة سرطان تسجل سنويا في المحافظة.
هذا في حين، أن المصادر الرسمية العراقية تحاول التكتم باستمرار على الأعداد الحقيقية
المسجلة، إذ لايتم الإفصاح بنحو سنوي عن الأرقام، وآخر إشارة في احصائيات وزارة
التخطيط كانت في 2021 بتسجيلها 2858 أصابة سرطان في تلك السنة بمحافظة
البصرة.
معد التحقيق حاول التواصل مع المسؤولين في وزارة الصحة أكثر من خمس مرات،
إلا أنهم رفضوا الكشف عن أعداد الإصابات السرطانية في البصرة، متذرعين بوجود
تعليمات عليا تمنع الافصاح عن أرقامها.
نسبة تلوث مرتفعة
اطلع معد التحقيق على دراسة بحثية نشرتها المجلة العربية للبحث العلمي في قطر
سنة 2020 أعدتها استاذة الهندسة البيئية د. سعاد سالم العزاوي عنوانها
(تقدير مخاطر استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب في العراق).
أفادت بتعرض سكان محافظة البصرة إلى جرعات اشعاعية عالية بلغت نحو 200
مرة أعلى من الجرعة الإشعاعية السنوية التي يتلقاها أي شخص من مكان طبيعي في
معظم أنحاء العالم، والتي لا تتجاوز 2.4 ملّي سيفَرت (رمزها Sv، هي وحدة لقياس
جرعة الإشعاع المكافئة).
ووفقاً للدراسة فقد بلغ إجمالي الجرعة الفعالة التي تعرض لها السكان مثلاً في
قضاء الزبير وغرب مدينة البصرة بحدود 268.6 ملّي سيفَرت، وقرابة 167
ملّي سيفَرت تعرّض لها السكان في مدينة صفوان المحاذية للكويت بسبب اليورانيوم
المنضب الذي استخدمته القوات الامريكية والبريطانية خلال حرب الخليج الأولى 1991
، فيما تعرضت مناطق مأهولة بالسكان كالزبير، والطريق الدولي وحقول غرب القرنة
وجبل سنام، إلى عمليات القصف بالقذائف المشعة.
ووفقاً لما يقوله المزارع خضير حنون، من منطقة جبل سنام جنوب غرب الزبير بمحافظة
البصرة فأن”المئات من الأليات المُدمرة بالقصف كانت بالفعل متروكة قرب القرى
والمناطق العشوائية ولجهل الناس بمخاطرها تعرضت الى عمليات تفكيك وسرقة
أجزاء منها وبيعها في أسواق الخردة إضافة الى لهو الاطفال بها مما عرضهم لإصابات
سرطانية مباشرة”.
مضيفاً أن “أحد أبنائه البالغ من العمر عشر سنوات أصيب بورم في رأسه اتضح فيما
بعد أنها إصابة سرطانية ومازال إلى الآن يتلقى جرعات علاجية”.
وللاستيضاح عن حجم الملوثات المشعة في محافظة البصرة جراء الحروب والصواريخ
المنضبة باليورانيوم التي سقطت فيها ومصادر التلوث الاشعاعي الأخرى، تواصل معد
التحقيق مع الباحثة التي قالت بأن”القوات الامريكية استخدمت الاسلحة الملوثة
بمحتواها الاشعاعي مرتين: أولهما خلال حرب الخليج 1991 حيث اطلقت أكثر من
مليون قذيفة على مناطق غرب البصرة ، يتراوح وزنها بين 320 ــ 500 طن من
اليورانيوم المنضب، والثانية كانت خلال غزو واحتلال العراق عام 2003″ .
وفي معرض ردها على سؤال بشأن مستوى خطورة المخلفات المشعة على حياة الناس
تقول بأن ذلك يعتمد على “شدة وزمن التعرض والمسافة” بالإضافة إلى “صحة
ومناعة الأشخاص اللذين يتعرضون للمخلفات المشعة”
وتشير إلى أن سكان البصرة تعرضوا لتراكيز عالية من اكاسيد اليورانيوم التي
استخدمت أثناء القصف الجوي والبري في تلك الحربين، ونتيجة هبوب العواصف الترابية
المحملة برماد تلك العناصر واستنشقها السكان بدرجات متفاوتة واستقرت في أجسادهم.
وتؤكد بأن سكان البصرة يتعرضون دوماً لجرع اشعاعية إضافية مع كل عاصفة
ترابية تنقل مزيداً من هذه الملوثات من الدبابات وناقلات الجنود التي تركت في
العراء بعد تعرضها للقصف بالقذائف المشعة.
وفيما يتعلق بالتعرض للمخلفات وانتشار الاصابة السرطانية يقول الدكتور صالح
البكري، المختص بالطب الباطني وأمراض الدم إن” المعدات الحربية التي تعرضت
للقصف بقذائف منضبة باليورانيوم تنتج انبعاثا ينتشر في الجو يحتوي على أكاسيد
اليورانيوم المشعة، وينتقل لمسافات واسعة.وعند استنشاق تلك الأكاسيد من قبل الانسان
تخترق جسيماتها الدقيقة( نانو)غشاء الحويصلات الرئوية وصولاً إلى مجرى الدم
وتدخل إلى بقية خلايا الأعضاء الداخلية”.
ويضيف”تقوم أيونات اليورانيوم المنضب بالتبادل الأيوني في جسم الإنسان مع
المغنيسيوم في خلايا الأعضاء، مما يؤدي إلى تدمير قابلية الجسم على الإصلاح وتعويض
الخلايا التالفة، ونتيجة لذلك يصاب الجسم بالأمراض المزمنة والأورام السرطانية،
كذلك تقوم الشوارد الحرة المنتشرة في الخلايا باعتراض عملية تصنيع وطي بروتينات
الجزيئات الخاصة بتكوين ( ال DNA )، ما يؤدي الى إمكانية حصول خلل جيني
متوارث عند المصابين”.
ويذكر ان الكثير من تلك الآليات ماتزال في العراء بالبصرة، ولم يتم رفعها لغاية الآن،
وبحسب مصدر في محافظة البصرة، فان مايؤخر رفعها هو الخلاف بين الإدارة
المحلية في البصرة والحكومة الاتحادية بشان نفقات وطرق رفعها ومواقع طمرها.
التلوث الاشعاعي
يؤكد مختصون في مجال حماية البيئة، أن معدلات الإصابة بالسرطان ارتفع
بسبب التلوث الإشعاعي الذي يصفونه بالخطير، إثر استعمال الولايات المتحدة وحلفائها،
ذخائر مصنعة من اليورانيوم المنضب ضد أسلحة الجيش العراقي الثقيلة آنذاك، والتي
نقلت من حفر الباطن الى داخل المدن بعد 2003 وهو العام الذي شهد سقوط النظام
العراقي السابق.
وبحسب مصدر مطلع في بيئة البصرة، فإن هنالك 26 موقعاً ملوثاً في مناطق(الدرهمية
والهوير والرميلة وأبي الخصيب، والبرجسية، والقرنة، وجبل سنان، والفاو) وغيرها
من مناطق البصرة.
ووفقاً لمفوضية حقوق الانسان في البصرة، فأن القوات الامريكية استخدمت خلال
حرب الخليج الثانية أكثر من 900 طن من الصواريخ المنضبة باليورانيوم، فيما
كانت حصة البصرة لوحدها قرابة 200 طن من تلك الصواريخ، وآثارها البيئية المدمرة
مازالت ماثلة.
رئيس الهيأة العراقية للسيطرة على المصادر المشعة(هيأة تابعة إلى مجلس الوزراء)
د.كمال حسين الربيعي، يقول بأن الهيئة سجلت أنواعاً عدة من السرطانات الناتجة
عن المخلفات المشعة بين سكان البصرة، كسرطان الرئة الناجم عن استنشاق
الهواء الملوث بالمواد المشعة، وسرطان الكِلية والأمعاء الذي يحصل عبر دخول
اليورانيوم إلى داخل الجسم عن طريق تناول بعض الأطعمة والخضار المزروعة
في أماكن ملوثة، إضافة إلى أنواع أخرى ناتجة عن ابخرة الاستخراجات النفطية، كبخار
الزئبق والمغنيسيوم، وابخرة المعادن والكبريت القاتلة، والأتربة الملوثة المستخرجة من
الآبار”.
ويضيف إلى ذلك “إنتاج النّفط الخام في العراق والعمليات التي يمر بها كالمسوحات
د والاستكشافات وحفر الآبار وحقن التربة تصاحبه عدد من الغازات السامة كالغاز
الحامضي وغيره الذي يعد من الغازات الخطرة على صحة الانسان لاحتوائه على
نسب عالية من الكبريت” ويلفت إلى أن سكان المنازل القريبة من الحقول النفطية
يعدون أكثر الناس عرضة للإصابة بمخاطر تلك الغازات”.
ويدعو الربيعي الحكومة المحلية إلى” استقدام المختصين لمعالجة النفايات بنحو
سريع، وذلك بطمرها في مخازن نووية تحفر في الارض لا يقل عمقها عن 10 امتار،
ثم تردم بمواد خرسانية، وتغطى بالتراب.
ويشدد على ضرورة أن تكون تلك المخازن بعيدة عن المناطق السكنية بما لا يقل عن
150كم وهو ما يتوافق مع رأي المختصين في الهياة العراقية للسيطرة على المصادر
المشعّة.
وكانت عضو مجلس النواب زهرة البجاري قد أعلنت في 2022 عن وجود 1,3 مليار
متر مربع من الأراضي الملوثة بالألغام والمقذوفات الحربية في محافظة البصرة
وقالت بانها متركزة في أقضية الزبير، والفاو، وشط العرب.
اقرار ولكن !
في 21 اب/أغسطس 2023 اتهم ديوان الرقابة المالية في تقرير له، شركات أجنبية
مسؤولة عن استخراج النفط بتسببها بزيادة أعداد الإصابات السرطانية في البصرة ومدن
أخرى، نتيجة ارتفاع تراكيز الهايدروكاربونات غير الميثانية الوثيقة الصلة بالأمراض
السرطانية في جميع نقاط الرصد بحقول البصرة بشكل يتجاوز الحدود المسموحة.
وجاء في التقرير أن “العمليات الاستخراجية النفطية تطرح في الهواء ملوِّثات بيئية
ناجمة عن حرق الغاز المصاحب للوقود الأحفوري المستخرج، إذ أحرقت شركة نفط
البصرة والشركات الأجنبية المشغِّلة للحقول في المحافظة ما نسبته (54،52،53) في
المئة من الغاز المصاحب للسنوات (2019، 2020، 2021).
ما أدى إلى إطلاق مركبات كيمياوية خطرة في الهواء وبتراكيز عالية، التي تسببت
بإصابات سرطانية بين السكان ولاسيما في مركز المحافظة التي تتصدر أعداد الإصابات
بمعدل 76.3 شخص لكل 100 ألف في العام 2020.
ويبين التقرير أن المناطق الأعلى تلوثاً هي الزبير ثم القرنة، وفقاً لآخر دراسة بحثية
منشورة في عام 2021 أجرتها جامعة ميسان عن “تأثير ملوِّثات الهواء
بالهايدروكاربونات ماعدا الميثان على زيادة أعداد المصابين بالأمراض السرطانية،
لاسيما سرطان الرئة والمثانة”.
وأشار التقرير إلى “ارتفاع تراكيز الهايدروكاربونات غير الميثانية الوثيقة الصلة
بالأمراض السرطانية في جميع نقاط الرصد بحقول نفط البصرة بشكل يتجاوز الحدود
المسموح بها وفق المحدد الوطني البالغ (0.24 PPM لكل 3 ساعة)، إذ وصلت في حقل
الرميلة الجنوبي إلى (2.058 PPM لكل3 ساعة).
فضلاً عن توقُّف جميع محطات مراقبة نوعية الهواء وأجهزة قياس ملوِّثات الهواء
الحقلية التابعة لمديرية بيئة البصرة والبالغة 17 محطة منذ العام 2019 و7 أجهزة
أخرى منذ العام 2013، ما أثر سلباً في تشخيص الواقع البيئي وتحديد تراكيز الملوثات”.
وأوصى التقرير بإحالة ملف التلوث البيئي إلى مجلس الوزراء لعدم التزام شركة
نفط البصرة والشركات الأجنبية المشغِّلة بأحكام المادتين (9 و21) من قانون حماية
وتحسين البيئة، والعمل على استثمار الغاز المصاحب ووقف حرقه للاستفادة
من مردوده الاقتصادي وتقليل التلوث الناتج عنه.
إضافة إلى إلزام شركة نفط البصرة والشركات الأجنبية المشغِّلة للحقول وحسب بنود
عقد الخدمة النفطية، بتجهيز جميع محطات الحقول بمشاعل وعازلات وقانصات حديثة
وكفوءة، مع إلزام المشغِّل الأجنبي بتوفير المعالجات المقلِّلة للتلوث.
التقرير أكد وقوع العراق ضمن الدول العشر الأكثر تلوثاً للهواء، نتيجة لانبعاث الملوثات
الغازية الناجمة عن عمل الحقول النفطية، وما ينتج عنها من آثار سلبية على صحة
المجتمع، إذ سجلت تقارير مجلس السرطان العراقي ارتفاعاً مستمراً بنسب الإصابات
بالأمراض السرطانية سنوياً، إذ ارتفعت من 73.3 إصابة في سنة 2015 إلى 81.34
إصابة في سنة 2019 لكل مئة ألف نسمة.
إلى ذلك يشخص مدير بيئة البصرة كريم عبد رخيص، ما يسميها” فجوة كبيرة بين
بنود عقود شركة نفط البصرة وشركات التراخيص الأجنبية وبين ما يحدث
في الواقع” وأوضح“هنالك مايزيد عن 600 مشعل تحيط بالبصرة المظلومة نظرا لما
تتعرض له من تلوث”.
لجنة الصحة والبيئة في مجلس محافظة البصرة، اتهمت هي الاخرى الشركات النفطية
بالوقوف وراء 70% من حالات الإصابة بالسرطان وامراض الكلى والربو
وغيرها في المحافظة، وذكر رئيسها علي العبادي أن هنالك مقترحاً لتشكيل صندوق
لمعالجة الأمراض التي تنتج عن ذلك.
شكاوى
في آب 2021 تبنت المنظمة الالمانية لحقوق الانسان في محافظة البصرة، مقاضاة
الشركات النفطية الأجنبية العاملة شمالي البصرة ومنها شركة (لوك أويل الروسية)،
وقد رفعت 54 دعوى قضائية لكن سرعان ما أغلق الملف في محكمة استئناف البصرة
الاتحادية بسبب تهديدات مسلحة تعرض لها فريق المحاماة حسبما يقول رئيس
المنظمة سعد الجبوري.
وحصل معد التحقيق على وثيقة إنذار صادرة من كاتب العدل في الجمعيات في البصرة
مؤرخة بتاريخ 6 نيسان/أبريل 2021، إلى شركة (لوك أويل الروسية) تقدم بها 6
أشخاص متضررين من السرطان، عبر المحامي صلاح عبد الحسن الامارة، مطالبا
الشركة بدفع مبلغ تعويضي لكل شخص من هؤلاء مقداره مليار و500 مليون دينار
عراقي.
وحمل الانذار الموجه للشركة مسؤوليتها عن إصابة عدد من سكنة البصرة بالأمراض
السرطانية ووفاة بعضهم جراء التلوث البيئي نتيجة احتراق النفط بسبب العمليات
الاستكشافية وحفر للآبار في حقل غرب القرنة/1 وغرب القربة/2 بدون اتخاذ
التدابير والاحتياطات اللازمة، وهو ما يتعارض مع قانون حماية وتحسين البيئة
رقم 27 لسنة 2009.
وتتعرض منطقتا )المدينة والقرنة( لملوثات محصورة بثلاث شركات نفطية أجنبية،
هي شركة (شل ويل) الروسية وشركة (إكسون موبيل) الامريكية ، بينما تعمل شركة
الـ(بي بي) البريطانية في حقول الزبير والرميلة والشعيبة غربي البصرة .
الى ذلك يؤكد الخبير القانوني كرار صالح، مسؤولية الدولة “بإزالة التلوث وفقاً للقوانين
النافذة والمواد الدستورية” ويبين:”المادة 33 من الدستور العراقي أكدت مسؤولية
الدولة بتوفير بيئة سليمة وملائمة للعيش وحماية المواطن من مختلف الأمراض
الناتجة عن التلوث البيئي”.
ويعتقد الخبير القانوني بأحقية قيام محافظ البصرة، بإقامة دعوى في المحكمة الاتحادية
أو المحكمة الإدارية لمقاضاة الحكومة الاتحادية والزامها بتعويض المصابين وأصحاب
الأراضي المستملكة، سواء للأغراض النفطية أو تلك التي اتخذت كمقابر أو مراكز
لتجميع الآليات الحربية المدمرة”.
الافتقار الى العلاجات
رغد مجيد(39 سنة)من مدينة البصرة، مصابة بسرطان الثدي، وتشكو من تأخر
حصولها على جرعة الكيماوي بسبب عدم توفرها في صيدلية مركز الأورام بالبصرة،
على الرغم من أنها كانت قد حصلت بالفعل على عدد من الجرعات في المركز قبل ذلك.
زوج رغد هجرها فور علمه بإصابتها بالمرض، وهي تعتمد على المساعدات
المالية الخيرية لتوفير علاج ibrance الأمريكي الذي يبلغ سعر العلبة الواحدة منه
900 دولار، وتعتمد في البعض الآخر من علاجها على مناشئ محلية وايرانية،
والأخيرة علاجات غير فاعلة وفقا لشهادات أطباء مختصين أخبروا المريضة بذلك.
ويضطر ذوو المصابين إلى مراجعة الصيدليات الخاصة للحصول على الأدوية والعلاجات،
بسبب عدم مقدرة المشافي الحكومية على توفيرها بكميات كافية، إضافة إلى تهالك
مرافقها الخدمية، بحسب عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية باسم الغرابي، الذي يقول
إن” نسبة ما توفره الدولة من علاجات للأمراض السرطانية في الوقت الحالي
لا يتجاوز سوى10% فقط”.
ومع أن الدولة ملزمة بتوفير بيئة طبية مناسبة للمصابين بالسرطان، إلا أن الواقع
المأساوي كما يصفه الغرابي “يجبر الكثيرين للجوء إلى المشافي الأهلية، وعدد غير
قليل منهم يتخلي عن متابعة جلسات العلاج في تلك المشافي، لعدم قدرتهم على
تحمّل عبء تكاليف الاستشفاء غالية الثمن، لتعقبها انتكاسة صحية للمرضى يصعب
التعافي منها، يضاف الى ذلك كله الغلاء الفاحش في أسعار علاجات الأمراض السرطانية”.
ويضيف “مع سريان العمل بقانون الضمان الصحي الذي تم اقراره في الدورة البرلمانية
السابقة، والذي أقر تحمل الدولة ما نسبته 70% من علاجات مرضى السرطان، إلا أن
موازنة وزارة الصحة لعام 2023 لم تبلغ سوى 10 تريليونات دينار، خصص منها
تريليون و600 مليار دينار لمختلف العلاجات بما فيها السرطانية، ما يعني أن الدولة
تتحمل ما نسبته 30 % فقط من قيمة العلاجات تلك، ويدفع المرضى أو ذووهم ما
يتقبى من نفقتهم الخاصة”.
انحسار الأدوية السرطانية في مركز سرطان البصرة، يؤكدها أبو محمد رئيس
منظمة (أهل الخير)التي تتبنى توفير علاجات مرضى السرطان والذي يؤكد
ارتفاع اسعار العلاجات وصعوبة توفيرها للمرضى الفقراء.
ويضيف “بعض العلاجات متوفرة في مركز الأورام بمستشفى الصدر التعليمي، لكنها
لا تكفي لسد النقص الحاصل وتأخير تجيزها يدفع المرضى لشرائها من الاسواق
المحلية ” ويوضح بأن” بعض المرضى يحتاجون يومياً إلى ما لا يقل عن أربعة حقن
مناعة سعر الواحدة منها 35 الف دينار عراقي، وبعض العلاجات الاخرى تتراوح
اسعارها من 600-900 دولار نعمل على توفيرها عن طريق لتبرعات المحسنين”.
ويعزو الدكتور أحمد رمزي، مدير قسم استيراد الأدوية في وزارة الصحة، قلة تجهيز
الأدوية للمشافي، إلى قلة التخصيصات المالية: “خصوصا المتعلقة منها بعقود الشركة
العامة لتسويق الأدوية والمستلزمات الطبية كيماديا”.
ويضيف بأن الوزارة افتتحت مؤخراً خطوطاً انتاجية جديدة في المصانع الوطنية لإنتاج
الأدوية السرطانية وتم ذلك الأمر من خلال تخصيص قروض مالية لتلك المصانع
من قبل الحكومة”.
ويتابع” تعاقدنا مع تلك المصانع لتجهيزنا بـ183 مادة دوائية منها أدوية السرطان، وهذه
الأدوية أثبتت فعاليتها بالتحليل ونحصل على جزء غير قليل من أدوية السرطان من
خلال ما تمنحه منظمات انسانية دولية”.
طلبات رسمية
حصل معد التحقيق على وثيقة صادرة في 16 كانون الأول 2018 عن دائرة الدراسات
والتخطيط والمتابعة في وزارة النفط تطالب فيها شركة نفط البصرة بالإيعاز إلى هيئة
تشغيل حقل غرب القرنة/2 لاتخاذ ما يلزم وتخفيف الاثار الناتجة عن الانشطة النفطية
في الحقل واتباع الطرق الحديثة في كل مراحل انتاج النفط الخام ومعالجة المخلفات
الناتجة والالتزام بخفض الانبعاثات الملوثة الناتجة عن الانشطة النفطية”.
أجرى فريق من دائرة البيئة في محافظة البصرة، مطلع كانون الأول من العام
2018، زيارة ميدانية إلى منطقة شلهة كباشي في قضاء الهوير شمالي المحافظة
وسجّل الفريق خلال زيارته خرقا في المسافة التي يجب أن تكون بين المناطق
السكنية وحق غرب القرنة بمسافة 4كم.
كما لاحظ الفريق الحكومي ارتفاعا في تراكيز الملوثات الغازية (NOx-
THC-NMHC)، وفقا للوثيقة التي حصل عليها معد التحقيق.
وفي وثيقة أخرى حصل عليها معد التحقيق صادرة عن وزارة البيئة في اب 2019
تثبت ارتباط الملوثات الغازية بارتفاع نسب السرطان في البصرة.
وربطت الوثيقة بين ما يخص ملوثات (مجموع الهيدروكرونات THC،
والهيدروكربونات عدا الميثان NMHC) وتأثيرها على الرئتين والمجاري التنفسية
وتكون سامة جدا وقد تسبب الأمراض السرطانية عند التعرض لها لفترات طويلة
وفيما يتعلق بأكاسيد النتروجين NOx، فهي غازات خطرة جداً على صحة الانسان
إذ تسبب التسمم عند استنشاقها تهيج الاغشية المخاطة للمجاري التنفسية والتهابات
في الرئة وتهيج العين وكذلك حدوث الامطار الحامضية، بالإضافة إلى تأثيرها بشكل
سلبي على طبقة الأوزون، وفقا للوثيقة.
في 23 شباط 2019 قدم عضو مجلس النواب عن محافظة البصرة، فالح الخزعلي،
طلباً إلى دائرة التنسيق الحكومي لشؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء
حمل فيه الشركات النفطية العاملة في البصرة مسؤولية وفاة عدد من مواطني منطقة
الهوير، شمالي البصرة بسبب الإصابات السرطانية.
فيما قدم عضو مجلس النواب عن محافظة البصرة علاء الحيدري، في 29 كانون
الثاني/يناير 2024، اخبارا إلى جهاز الادعاء العام، ابلغ فيه عن قيام مراكز الأورام
في مستشفى الصدر التعليمي، ومستشفى البصرة التخصصي للأطفال، بتصريف مخلفات
الأدوية السرطانية الى محطة المعالجة البايلوجية مباشرة دون معالجتها، مضيفًا بحسب
الوثيقة أن تلك المخلفات تعد خطرا ينتج عنه احداث طفرة وراثية وتشوهات خلقية
وسرطانات في الخلايا الحية إذا لم يتم معالجتها.
عضو مجلس النواب عدنان الجابري، عرض شرحاً مفصلا لرئاسة مجلس النواب في
عام 2022 عن ارتفاع معدلات الوفيات والإصابة بالسرطان في المحافظة نتيجة
الانبعاثات المصاحبة لعمليات استخراج النفط وتكريره فضلًا عن تلوث المياه والتربة
بسبب المخلفات الحربية، فيما قدم طلبا إلى الرئاسة موقعا من 55 نائبا تضمن إنشاء
صندوق لإعانة مرضى السرطان في البصرة.
وفي نيسان 2023 وجه عضو مجلس النواب إسامة البدري، طلبا إلى وزارة البيئة
لغرض إرسال فريق متخصص من دائرة بيئة البصرة للوقوف على أسباب ارتفاع كثرة
الإصابات السرطانية وبنحو ملحوظ في منطقة الشاهين بقضاء القرنة، مؤكدًا بحسب
الوثيقة التي حصل عليها معد التحقيق أن “المنطقة فيها مخلفات حربية سابقة وحقل
نفطي قريب من المجمعات السكنية بكيلومترات”.
وفي وثيقة أخرى صادرة عن النائبة فاطمة عباس الحاوي، في 31 آب/أغسطس
2023 أكدت فيها ارتفاع نسب الإصابات السرطانية في البصرة بسبب التلوث
البيئي جراء الاستخراجات النفطية والحروب السابقة، وطالب بتخصيص قطع أراضي
للمصابين كتعويض.
لكن جميع تلك المخاطبات والجهود الرسمية لم تلق آذان صاغية وظل الموت
السرطاني يقلق مضاجع البصريين وفقاً لاطباء ونواب وناشطين مدنيين هناك.
وفي خضم تلك المخاطبات والوثائق الرسمية التي تبين ارتباط الملوثات النفطية
بارتفاع نسب الإصابات السرطانية، باشر حسين جلود، والد الشاب علي(21سنة)
الذي توفي بسرطان الدم في 17 نيسان/أبريل 2023 ، بإجراءات رفع دعوى قضائية
ضد شركة بريتيش بتروليوم، باعتبارها المقاول الرئيسي لحقول الرميلة النفطية
غربي محافظة البصرة، والتي يتهمها بتلويث المنطقة التي يسكنها مع عائلته بالغازات
السامة.
يقول جلود، بنبرة حزن أن ولده علياً، دخل مستشفى الاورام السرطانية
بالبصرة في 17 تموز/يوليو 2017 لتلقي جرع الكيمياوي.
وأنه أضطر بسبب ارتفاع تكاليف العلاجات غير المتوفرة في المركز، إلى بيع منزله
ومصوغات زوجته وسحب قرض مالي من أحد البنوك العراقية، ويؤكد “تكلفة علاج
ابني رحمه الله بلغت 170 مليون دينار”. أي ما يعادل أكثر من 129 ألف دولار.
ويتابع متذكراً، أن رئيس شركة نفط البصرة منحه مبلغاً مالياً مقداره أربعة
ملايين دينار تعادل(أكثر من 3000 دولار)، ووعدته شركة بريتيش بتروليوم
بدفع تعويض مالي،”لكن وعودهم ذهبت أدراج الرياح، الامر الذي دفعني للتحرك باتجاه
القضاء” يقول بحدة.
وذكر أن ابنه لم يكن الضحية الوحيدة لإنبعاثات حقول النفط في الرميلة:” أنا على
علم بإصابة 15 آخرين بالسرطان نتيجة التلوث، عشرة منهم توفوا، وهنالك حالات
تشوه خلقي لمواليد جدد، وأمراض أخرى تنفسية وجلدية”.
يقول وهو يشد قبضتي يديه:”سيري في إقامة الدعوى، هو بالنيابة عن جميع سكان
المنطقة، لكي لايموت المزيد من الناس، مثلما حدث لأبني الشاب علي”.
- أنجز التحقيق بإشراف شبكة نيريج ودعم من cfi
اقرأ أيضا: القلق من تدهور الأمن أم قلة فرص العمل، لماذا يفضل مسيحيو العراق الهجرة إلى الخارج؟