الطبقة الوسطى في البصرة تتلاشى وغالبية السكان بين فقير ومحدود الدخل
محمد الياسري
يقضي عباس عبود(34سنة) من مدينة البصرة، معظم ساعات يومه في العمل بدوامين
مختلفين، يبدأ الأول من الخامسة فجراً وحتى الرابعة عصراً بصفة عامل في موقع نفطي
براتب شهري لايزيد عن 600 ألف دينار(460دولار أمريكي).
ثم يلتحق بعمل آخر من الخامسة مساْءً وحتى العاشرة مساءً في متجر للمواد الغذائية وسط
المدينة مقابل 300 ألف دينار شهرياً(230دولار أمريكي)، ومع ذلك لايستطيع الإيفاء
بجميع مستلزمات عائلته المكونة من زوجته وأربعة أطفال، ولاسيما أنهم يسكنون في
منزل مستأجر بمنطقة حي الحسين الشعبية في مركز مدينة البصرة.
يضع يده على رأسه ويقول مازحاً:”كان شعري أسوداً فاحماً قبل أن أعمل في الموقع
النفطي بصحراء البصرة تحت أشعة الشمس الحارقة، أصبح الآن بنياً، لكن لا يهم، على
الأقل هنالك شعر على رأسي !”.
توقف عباس في دراسته عند الصف الثالث متوسط بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يقول
بأنه عانى منها مع عائلته، لذلك فليست لديه خيارات كثيرة متاحة فيما يتعلق بالعمل.
سمع من البعض أن المادة 55 من قانون العمل تحدد ساعات العمل بثمانية فقط:”لكنني مثال
على عدم صحة ذلك، الشركات الاهلية تجبرنا على العمل أكثر من 10 ساعات يومياً،
وباجور متدنية، وإذا اعترضنا يتم طردنا فوراً”.
يعتقد عباس، بأن الحكومة المحلية في البصرة غير عادلة مع فئات المجتمع فيما يتعلق
بتوفير فرص العمل، ويتهمها بمنحها للأحزاب السياسية والموالين لها دون غيرهم.
ويقول:” نحن الفقراء نعاني كثيراً، فالأحزاب تحتكر كل شيء هنا، الشركات الكبرى
تعمل بأمرها، ولا يمكننا العمل في أحدها أذا لم نكن منتمين لتلك الأحزاب وأذا سنحت لنا
الفرصة فلن نكون غير عمال خدمات أو بناء أو أي مهنة اخرى شاقة وبأجور بائسة”.
%21 نسبة الفقر في البلاد
تبلغ نسبة الفقر في العراق البالغة أعداد زكانه نحو 43 مليون نسمة، وفقاً للمتحدث باسم
وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، أقل من 21%، وذلك بموجب مسح نفذته وزارته
سنة 2018. وقال في تصريح صحفي، أن مسحاً جديداً هو الاقتصادي الاجتماعي بوشر
بتنفيذه في يوليو/تموز 2023 بمرحلتين، ينتهي في منتصف سنة 2024.
ونوه الهنداوي، أن الحكومة العراقية تضع ملف الفقر ضمن أولوياتها، وان وزارته تحاول
عكس ذلك من خلال سياستها وخططها التنموية في مكافحة الفقر، وان العمل يسير
بمسارين متوازيين، الأول:”وضع استراتيجية جديدة لمكافحة الفقر لخمس سنوات
2024 – 2028″ والثاني”خطة التنمية الخمسية التي وصلنا إلى مراحل متقدمة في
إعداداها، وستكون أيضاً لخمس سنوات مقبلة”.
ويضيف:”هذا إلى جانب إنشاء صندوق لدعم الممحافظات الأكثر فقراً، والذي ورد ضمن
الموازنة الثلاثية 2023و 2024و 2025″ وهو يعتقد أن الظروف في العراق أفضل من
السابق للتقليل من نسبة الفقر.
البعض من الإقتصاديين يشككون في إحصائيات وزارة التخطيط ويرون بأنها غير
صحيحة، ومنهم الأستاذ الجامعي صفوان غانم، الذي يعتقد بأن النسبة أعلى من ذلك،
بسبب التضخم السكاني الحاصل ، دون أن ترافق ذلك خطط استراتيجية لتفنيذ مشاريع
ذات نفع عام وإعادة إعمار المصانع والمعامل المتوقفة أو إنشاء الجديد منها: “كما
لاتوجد إحصائيات رسمية، لأنها لم تجر بكل بساطة في العراق منذ سنوات بعيدة، وكل
ما يطرح تكهنات واجتهادات أو مسوحات غير دقيقة”يضيف مستدركاً.
هذا مع إقراره، بأن الوضع الراهن هو أفضل من الفترة التي شهد فيه العراق نشاطاً
للجماعات المسلحة منذ 2003 ولغاية منتصف سنة 2017، إذ بدأ ما يصفه بنوع من
التعافي الاقتصادي الطفيف “لكنه غير كاف، ويحاج إلى المزيد من الجهد الحكومي
من ناحية تفعيل المشاريع ومحاربة الفساد، لخلق فرص العمل، والأهم من ذلك دعم
وتشجيع القطاع الخاص”.
فقر وعشوائيات في أغنى محافظات البلاد
وفيما يتعلق بالبصرة، فعلى الرغم من تركز 59% تقريباً من أجمالي الاحتياطي النفطي
العراقي بواقع (15) حقلاً نفطياً، عشرة منها منتجة، وخمسة في طور التأهيل
والتطوير، وإحتوائها على (6) موانئ تجارية وهي:” ( أم قصر، خور الزبير، المعقل،
ابو فلوس، العميق، وأخيراً ميناء البصرة ) بالإضافة الى المنافذ البرية كمنفذي الشلامجة
وسفوان.
مع كل ذلك إلا أن معدل الفقر مرتفع في البصرة، إذ قدرتها جهات غير رسمية بنحو
40%، وتنتشر فيها الأحياء الشعبية العشوائية المفتقرة للخدمات، تجسيداً لواقع حاولت
الجهات الرسمية في مناسبات عديدة إخفائه، وكمثال على ذلك جدران عازلة وضعتها
الحكومة المحلية لحجب الأحياء الفقيرة في المدينة خلال بطولة الخليج بكرة القدم التي
جرت في البصرة مطلع العام 2023.
وتتركز المناطق العشوائية في مركز المدينة، نتيجة لارتفاع أسعار العقارات، ووفقاً
لناشطين مدنيين هناك، فان تلك المناطق تشهد نشاطاً لعصابات الجريمة المنظمة،
كالمخدرات. وتسود فيها الصراعات العشائرية التي تهدد سلامة وأمن المجتمع.
ووفقاُ لهؤلاء الناشطين كذلك، فأن منطقة ساحة الاحتفالات وسط البصرة، هي واحدة من
المناطق العشوائية، تقدر مساحتها بـ(5 كم2 ) وتسكنها أكثر من(2000) عائلة.
وأن هنالك أحياء عشوائية أخرى على امتداد جانبي شارع بغداد الذي يشكل مدخل مدينة
البصرة من جهة محافظة ميسان وذي قار، وتبلغ أعداد العائلات التي تسكنها قرابة (150)
الف عائلة.
وأيضا في مناطق الحيانية والقبلة وحي المهندسين والموفقية والعالية والعشار والجمهورية
وحي الشرطة والامن الداخلي، إذ يقدرون أعداد المساكن العشوائية فيها بما يزيد عن
( 500 ) الف وحدة سكنية، بالإضافة الى العشوائيات خارج مركز البصرة مثل الزبير
الذي يحتوي على أكثر من (300) الف وحدة سكنية.
ويردون ذلك إلى سوء الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار العقارات في البصرة وعدم
مقدرة سكانها على شراء وحدات سكنية مناسبة، وأيضا بسبب النزوح المستمر للمواطنين
من خارج البصرة الى داخلها.
وتلك المناطق تفتقر وبنحو عام إلى البنى التحتية، كالمستشفيات والمراكز الصحية
والمدارس، وخدمات الكهرباء والماء والطرق المعبدة، وتتكدس النفايات فيها لأنها ليست
مشمولة بدخول شركات التنظيف، وتتجمع فيها مياه المجاري الأسنة لعدم وجود نظام
صرف صحي، وأعمدة الكهرباء فيها بدائية، عبارة عن قطع خشبية معلقة عليها أسلاك
كهربائية، على حد وصف عدد من النشاطين.
تمايز طبقي
الناشط المدني زين العابدين الخويلدي، يقول:”منذ عام 2003 والى اليوم نلمس
عدم مقدرة الحكومات المحلية المتعاقبة على تشييد مجمعات سكنية لإنقاذ سكان المناطق العشوائية من أوضاعهم المأساوية”.
ثم يضيف بعد لحظات صمت:”نحن جميعاً نتهم سكان تلك المناطق بالإجرام والتخلف
والجهل وغيرها من التهم، متناسين واقعهم المعيشي، وعدم سعي الحكومة الى توفير بيئة
جيدة حاضنة لهم عن طريق سكن جيد وتعليم جيد وصحة جيدة وغيرها من الأمورالأساسية”.
ويضيف:”بالمقابل نشاهد أنتشاراً واسعاً للمجمعات السكنية في باقي أنحاء البصرة، تمتاز
بأعلى مستويات الرفاهية والأمان، تحيط بها جدران من الأسمنت وبوابات تمنع ذوي
المكانة الاجتماعية غير العالية من الدخول اليها”.
ومن أمثلة تلك المجمعات السكنية التي تحدث عنها الخويلدي:”مجمعي الأمل والآمال
السكنيين الذين تبلغ مساحتهما قرابة ( 4 كم2 )، ومجمع النرجس الذي تبلغ مساحته
( 6 كم2 )، ويمتاز كل واحد من هذه المجمعات بنظام أمني متكامل وبنى تحتية ممتازة
ومدارس متكاملة.
ويتابع:” كانت الفكرة من بناء هذهِ المجمعات هي أيجاد حل لمشاكل السكن في البصرة
وتسهيل المهمة على المواطن باقتناء وحدة سكنية نموذجية، وبناءً على ذلك تم تقديم
المساحات الأرضية الشاغلة من قبل الحكومة المحلية للشركات المنفذة بأسعار رمزية لكن
سرعان ما رأينا أن أسعار الوحدات السكنية في هذهِ المجمعات باتت خيالية تبدأ من (350)
مليون دينار عراقي وحتى مليار دينار عراقي للوحدة الواحد”.
وتساءل عن كيفية حصول مواطن بدخل محدود على عقار مشابه في واحدة من تلك
المجمعات، ثم يعدد أصناف مالكي الوحدات السكنية هناك:”مدراء عامين في الدوائر
الحكومية وقضاة واعضاء مجلس النواب وسياسيين وأعضاء متنفذين في الأحزاب وتجار.
ويضيف بشيء من الأسى:”أصبحت المجمعات السكنية حكراً على الأغنياء يسكنوها بمعزل
عن الطبقات المجتمعية الأخرى، إذ تفصلهم عنها جدران عالية، وينعمون بالخدمات المتكاملة”.
أجور متدنية
الناشط المدني حيدر باسم، يؤكد بأن جولة صغيرة في محافظة البصرة، كافية ليرصد فيها
المرء مستوى الفقر المرتفع. ويضيف:”من غير المنصف محاولة تزييف حقيقة واقع
البصرة والقول بأنها مليئة بمن يمتلكون فرص عمل ملائمة ويستطيعون سد كل احتياجاتهم”.
ويشير إلى إحصائية أعلنها مكتب مفوضية حقوق الإنسان في المحافظة سنة 2022، ذكرت
فيها أن نسبة الفقر وصلت فيها إلى 40% ،ويستدرك:” أي أقل من نصف سكان المحافظة
البالغة أعدادهم ثلاثة ملايين نسمة، فقراء !”.
ويعدد الناشط حيدر أسباب شيوع الفقر في مدينة غنية كالبصرة:”توزيع غير عادل
للثروات، والانتقائية في منح فرص العمل، ومحاولة الأحزاب إبقاء الشباب في نطاق
الفقرة كي تتمكن من إستغلالهم وبأبشط الطرق والأساليب”.
وعن الأجور المقدمة في المحافظة على مستوى القطاع الخاص، يقول حيدر:”أغلب
الشركات العاملة في القطاع الخاص تدفع الحد الأدنى من الأجور للعاملين لديها وفقاً
بقانون العمل العراقي رقم 37 المعدل 2015 والذي حدده بـ 350 ألف دينار عراقي فقط”.
ودعا إلى تعديل القانون ليتماشى مع الوضع الاقتصادي الراهن، ويستدرك:”بالتأكيد حسب
هذهِ الأجور عدد ساعات العمل لن تتناسب معها وسيكون هنالك ضغط على العاملين وعدم
تمكنهم من الحصول على ما يسد حاجتهم اليومية مع عائلاتهم”.
كما دعا الحكومة المحلية للعمل على القيام بمجموعة من الإجراءات لرفع المستوى
المعاشي للفرد، منها :”افتتاح المعاهد لتدريبهم على مهن وحرف مطلوبة في السوق وأن
تمنحهم بعد ذلك قروضاً مالية تساعدهم على بدء مشاريعهم الخاصة في سوق العمل الحر”.
وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، قد ذكر في تصريح له أواخر سنة
2022، أن الحد الأدنى لرواتب العمال سيكون 450 ألف دينار، تعادل( 346دولار
أمريكي) مع إقرار قانون الضمان الاجتماعي، لكن لم يحدد موعد رفع الحد الأدنى،
وهو أمر يحتاج وبنحو مؤكد إلى إقرار برلماني.
عضو مجلس النواب عن محافظة البصرة، عدنان الجابري، يقول بأن هنالك ثلاثة أسباب
تمنع أبناء البصرة عن سوق العمل، وهي:”مزاحمتهم من قبل العمالة الوافدة من باقي
المحافظات العراقي على فرص العمل، وعدم وجود شفافية في آلية التشغيل في كل
القطاعات، وعدم امتلاك اغلب الشباب البصريين للخبرات المطلوبة في سوق العمل
لعدم وجود دورات تأهيلية تهيئهم وتطورهم من الجانب العملي”.
ويعتقد بأن الحل يكمن بوقف العمالة الوافدة وبنحو كلي”خصوصا العمالة الأجنبية”،
وأن يكون هنالك اهتمام من الحكومتين المحلية والمركزية بتدريب وتأهيل الشباب وتطوير
قدراتهم لغرض زجهم في سوق العمل، وحذر من أن الفقر والبطالة سيؤديان إلى تفاقم
مشكلات أخرى وصفها بالخطيرة كتفشي المخدرات وهجرة الشباب إلى خارج البلاد.
وعلى الرغم من عدد سكان البصرة الكبير، إلا أن أعداد الموظفين الحكوميين فيها
لاتتجاوز عن(90)ألف موظف، وفقاً لعضو مجلس النواب السابق رحيم الدراجي،
وقال بأنهم يتوزعون دوائر تابعة لوزارات كالتعليم والصحة والكهرباء والزراعة والنفط
وديوان المحافظة.
ولفت إلى أن أغلب المواطنين في البصرة عاملون في القطاع الخاص، وان مستوى دخل
الفرد أو ما يجنيه لا يسد الحاجة اليومية بسبب ارتفاع أسعار السلع في السوق واجور
بعض الخدمات، كالطبية، وكذلك ارتفاع اسعار العقارات. وذكر:”على أي حال فأن دخل
الفرد لايتخطى عن 25 ألف دينار عراقي في اليوم الواحد”.
تلاشي الطبقة الوسطى
مشكلة الفقر والأحياء السكنية العشوائية لاتقتصر على مدينة البصرة مركز المحافظة
فقط، بل أيضاً تمتد إلى الأقضية والنواحي المرتبطة بها، ففي قضاء الزبير البالغ أعداد
السكان فيها نحو نصف مليون نسمة على سبيل المثال، هنالك 44 ألف عاطل عن العمل،
وفقاً للناشط المدني نور الدين الخيكاني، الذي يسكن في محلة العرب، بالزبير.
قام مع مجموعة من الناشطين في المدينة بالتعاون مع مكتب تشغيل الزبير، بإعداد قاعدة
بيانات تتعلق بالعاطلين هناك، توصلوا فيها إلى أعدادهم، وقدموها إلى قائم مقام قضاء
الزبير، لأن العراق بنحو عام لم يجر احصائيات سكانية، والأرقام التي يتم الإعلان
عنها في العادة من بعض الوزارات هي تقديرية بالمجمل.
يقول نور الدين، بأن الطبقة المتوسطة في البصرة بنحو عام بدأت تتلاشى”هنالك فقط طبقة
الفقراء وهم الأغلبية، معدمون وبالكاد يقوون على تأمين القوت اليومي، وطبقة الأغنياء
المتمثلة بالعائلات التي تربطها علاقات بالأحزاب والسلطة الحاكمة”.
ويقول بأن قضاء الزبير ممتلئ بالنازحين من خارج محافظة البصرة ولاسيما النازحين
بسبب الفقر المدقع وجفاف الأراضي الزراعية من محافظتي ذي قار والسماوة، وأن طبيعة
عمل أغلب النازحين في الزبير، بنحو خاص والبصرة بوجه عام تنحصر “بممارسة
الأعمال الحرة كالعمل بصفة سائق تكسي أو في أفران الخبز أو الأعمال الإنشائية كالبناء
وما يشابهها وفي ظل غياب المتابعة الحكومية والقوانين التنظيمية، وأن ذلك يسبب أرباكاً
كبيراً في سوق العمل وأجور العمال”.
هل يكمن الحل بعودة مجالس المحافظات؟
هنالك في البصرة، من يؤمن بأن عودة مجلس المحافظة سيساعد على إيجاد حلول
للمشاكل الاقتصادية وتقليل مستوى البطالة، إلا أن آخرين كثر يعتقدون بخلاف ذلك،
ومنهم الناشط المدني عمار الحلفي، الذي يقول بأن عودة مجالس المحافظة :”يعني عودة
الفساد الى المحافظة وهيمنة الكتل السياسية عليها بنحو أكبر”.
ويشير إلى أن الواقع الخدمي تحسن نوعاً ما منذ توقف عمل مجالس المحافظات قبل
سنوات، ويعود للقول:”قبل ذلك، أي خلال فترة وجود مجلس المحافظة، لم نشاهد سوى
الفساد واستنزاف الأموال العامة من خلال مخصصات أعضائه التي أثقلت كاهل
الحكومة المحلية والحكومة المركزية، وسيميل أعضاؤه كالعادة إلى تشغيل عناصر
أحزابهم والقريبين منهم فقط وستظل البطالة متفشية والفقر في ازدياد مستمر”، على حد
تعبيره.
بخلافه، يعتقد الناشط المدني علي النور أن عودة مجلس المحافظة “ضرورة ملحة للوقوف
على معظم المشاكل التي تعاني منها البصرة بسبب تفرد ديوان المحافظة في أتخاذ القرار
طوال الفترة السابقة،إضافة إلى إيجاد الحلول لها”.
ومن إيجابيات وجود مجلس محافظة بالنسبة إليه:”المتابعة والجهد الرقابي الذي تمارسه
سلطة مجلس المحافظة حيث أن البصرة تواجه العديد من المشاكل التي يتوجب على
المجلس الوقوف عليها ومتابعتها فبسبب تعطيلها سابقًا اصبحت الساحة فارغة لديوان
المحافظة لتعمل من أجل مصالح شخصيات فيه دون مصلحة المواطنين”على حد تعبيره.
ومن بين الملفات الواجبة البحث حسبما يقول:”السكن والبطالة وارتفاع الاسعار في السوق
دون رقابة والشركات المتلكئة في أنجاز عملها والتي تخالف القانون ايضاً في تشغيل اياد
عاملة اجنبية فوق النسبة المحددة لها، فملف البطالة”.
رحلة البحث عن راتب مناسب
علي شاكر حسين(33سنة) من منطقة دور نواب الضباط، في البصرة، أب لطفلتين
من ذوي الإحتياجات الخاصة، يتنقل بين الأعمال أو كما يسميها المحطات الشاقة، عله
يحصل من أحدها أجراً مجزياً يدفعه للإستقرار.
“لكن دون جدوى” يقول وهو يضرب يديه ببعضهما”ابنتاي معاقتان ذهنيا، منذ الولادة،
ويتوجب علي توفير الأدوية وبقية المستلزمات الطبية بشكل دوري لهما، وهذا ما
لا أستطيع القيام به في الغالب، لأن الوظائف التي أحصل عليها اجورها محدودة وغير
كافية”.
هو مختص بالإسعافات الميدانية، ومدرب حراس أمنيين، ويتحدث الأنكليزية، لكن
وعلى الرغم من ذلك، تنقل في العمل بين خمس شركات، وكان يتركها واحدة بعد الأخرى بعد عدة أشهر بسبب الأجور الزهيدة التي قال بأنها تمنحها للعاملين من أمثاله.
آخرها شركة اتصالات عمل فيها بنحو يومي من الثامنة صباحاً، حتى السابعة مساءً
مقابل أجر يومي بلغ 16 ألف دينار(12 دولار أمريكي)، دون ضمان اجتماعي أو صحي
أيضا أو أجور نقل وطعام.
وقبلها عمل بصفة عامل في شركة نفطية براتب شهري مقداره 400 دولار، ثم خيرتهم
الشركة بين ترك العمل أو القبول بتخفيض الراتب إلى 400 ألف دينار، أي(307 دولا
أمريكي)، فترك العمل على الفور.
يقول بنبرة حزن:”أعاني كثيراً في سبيل البحث عن فرصة أتمكن من خلالها تطوير واقع
اسرتي المعاشي ومعالجة أبنتي المريضتين، لكن الأمور محسومة دائماً لصالح فئة
محدودة من المجتمع البصري وهم اعضاء الأحزاب ومن يبايعهم”.
- أنجز التقرير بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الإستقصائية.
اقرأ أيضا: السراديب لا تصلح أحياناً في أن تكون مقابراً