انجز هذا التحقيق بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الأستقصائية ضمن مشروع زمالة ميدان.
عادل كمال
اعتقد الطبيب الجراح ياسر قيس، مدير مركز القلب في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان(320كم)جنوب العاصمة بغداد، أن يوم السابع والعشرين من يونيو/حزيران 2023، سيكون يوم عمل روتيني آخر، ولاسيما أنه تضمن عملية بسيطة يجريها، وهي مجرد أخذ خزعة من مريضٍ كبير في السن مصابٍ بالسرطان.
غير أن المريض هذا توفي بعد ساعات قليلة، وفوجيء الطبيب بعد إنتهاء مجلس العزاء بأبناء المتوفى وأقربائه يقتحمون عيادته مدججين بالأسلحة ويتهمونه بقتله: “على الرغم من أنهم كانوا قد تعهدوا بعدم التعرض إليه قانونيا أو عشائريا” وأخذوا يهددونه بالإنتقام، فما كان منه سوى الإستنجاد بالجهات الأمنية “وبدلاً من توفير الحماية له، تلقى نصيحة منها بحل الموضوع “عشائرياً!”.
هذا بحسب رواية طبيبٍ زميل له يدعى قصي، والذي أكد بأن الطبيب ياسر، وهو متخصص بجراحة الصدر والقلب والأوعية الدموية، حاول أن يبين عدم مسؤوليته عن حالة الوفاة، لكون العملية التي أجراها لايمكن أن تفضي إلى ذلك، وأن المريض كان يعاني من جملة من المشاكل الصحية بسبب كبر سنه فضلاً عن إصابته بالسرطان.
غير أن ذوي المتوفي، هددوه بالقتل إذا لم يدفع الدية التي قررها فصل عشائري، بلغت 80 مليون دينار، فاضطر إلى غلق عيادته وكتب على بابها:”تم غلق العيادة إلى إشعار آخر، بسبب التهديدات العشائرية، وخدلان المسؤولين، حسبنا الله ونعم الوكيل”.
وأجبر في في 25أغسطس/آب2023 على تسديد المبلغ، ومن ثم “طلب من وزارة الصحة نقله إلى خارج المحافظة” يقول زميله بأسف.
يواجه الأطباء والممرضون بحد سواء في المؤسسات الصحية الحكومية والخاصة
بمختلف أنحاء العراق، حالات اعتداء مختلفة بنحو يومي وتنتهي بعضها بإعتداءات
مميتة، غير أن ما يرصد منها قليلٌ جداً وفقاً لمصدر في نقابة الأطباء العراقيين،
وأطباء قابلهم معد التحقيق. لأن الكوادر الطبية المعتدى عليها تقع في كثير من
الأحيان تحت ضغوط عشائرية تمنعها من تقديم أو مواصلة الشكاوى القضائية
خوفاً من الانتقام، ولاسيما إثر توقف ممثلي دوائرهم القانونية عن تبني أو متابعة
قضاياهم لدى المحاكم، لينجم عن الاعتداءات والسكوت عنها، هجرة الكثير من
الأطباء إلى مناطق أخرى آمنة، سواء داخل العراق أو خارجه.
اعتداءات متزايدة
في إحصائية لمجلس القضاء العراقي الأعلى، نشرتها صحيفة القضاء الشهرية
الصادر عن المجلس، في 31آذار/مارس2024، أكدت اقامة 182 دعوى اعتداء على
كوادر طبيبة خلال ثلاث سنوات فقط في بغداد. الحصيلة الأكبر منها كانت في محكمة
إستئناف/الرصافة وبلغت 151 دعوى، بنسبة 83%، بينما أقيمت في محكمة
إستئناف/الكرخ 31 دعوى، أي بنسبة 18%.
وبحسب قاضي محكمة تحقيق الرصافة حيدر منصور، فان دعاوى اعتداء على الأطباء
التي رفعت في محكمة استئناف الرصافة لسنة 2021، بلغت 14 دعوى، وفي
سنة 2022، سجلت 43 دعوى، وارتفع العدد ليبلغ 77 دعوى سنة 2023، وخلال
الأشهر الثلاث الأولى من 2024 سجلت 17 دعوى.
ووفقاً لإعلام مجلس القضاء، فأن هذه النسب من دعاوى الإعتداء على الأطباء ظهرت
بعد تخصيص قاض مختص للنظر في تلك الدعاوى 2020، وترى مصادر في وزارة
الصحة أن الإعتداءات زادت ضد الأطباء خلال فترة جائجة كورونا، إذ ارتفعت
معدلات الوفيات والكثير من الأهالي كانوا “يحملون الكوادر الطبية المسؤولية
فيهاجمون أفرادها في المستشفيات وحتى خارجها”.
في حين تؤكد مصادر مطلعة بالشان العراقي، أن الإعتداءات على العاملين بالقطاعين العام
والخاص ترتفع معدلاتها مع تراخي سلطة الدولة وتدهور الأمن كما حدث مابعد 2003
ولغاية تحرير المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش منتصف 2017.
وذكروا بأن الأطباء والصحافيين والمحامين، هم أكثر الشرائح التي تتعرض في العادة
للإعتداء، لكونهم يعملون في بدون غطاء أمني يحميهم أو يكونون على تماس مباشر
بحياة الناس كما هو الحال مع الأطباء وبدرجة أقل المحامين.
يشير الكاتب والباحث، غانم أحمد، إلى أن شرائح متعددة في المجتمع العراقي تعرضت
إلى الإستهداف بعد 2003 وهي السنة التي انهار فيها النظام العراقي السابق، منها شريحة
الأطباء وبقية الكوادر الطبية، إذ وكما يقول فقد نحو 370 منهم حياتهم خلال 21 سنة،
وخطف العشرات بهدف الإبتزاز، وتلقى الآلاف تهديدات.
ويتابع:”أدى ذلك إلى أكبر هجرة ونزوح للأطباء عرفها تأريخ العراق” وبمزيد من التوضيح،
يبين بأن المناطق التي شهدت نشاطاً للجماعات المسلحة كالقاعدة وانصار الإسلام وداعش
وغيرها”الأنبار، نينوى، صلاح الدين، ديالى”، كانت الأكثر طردا للأطباء”نزح الكثير منهم
إلى إقليم كردستان أو مدن العراق في الوسط والجنوب، أو هاجروا إلى خارج البلاد
“تركز الكثيرون في الخليج، وبريطانيا”.
أما في المناطق الأخرى من العراق، فيقول بأن العصابات الإجرامية، وردات الفعل
العشائرية كانا ومازالا مسببان رئيسيان للإعتداءات على الكوادر الطبية”ودفعتا إلى
هجرة ونزوح الأطباء كذلك”.
ويقدر أعداد الأطباء المهاجرين إلى خارج البلاد خلال العقود الأرع الأخيرة بأكثر
من 100 ألف طبيب، وأن أكثر من نصفهم متواجدون في بريطانيا، وبعضهم يحصل
على أوسمة رفيعة في بلدان كبرى آخرهم كبير أطباء المسالك البولية في الدائرة
الغربية الفدرالية الشمالية الغربية في روسيا، إذ منحه الرئيس الروسي بوتين
يوم 11نيسان/أبريل2024 وسام الصداقة للعلوم الطبية.
مجلس محافظة بغداد يؤكد ظاهرة الإعتداء على الأطباء، إذ قال عضو المجلس
علي المشهداني في تصريح صحفي نسب إليه في الثاني من نيسان/أبريل2024، بأن
“السلاح المنفلت” على حد وصفه، هو السبب الرئيس لظاهرة الإعتداء على الأطباء،
وأن ذلك يحدث بنحو أكبر في المناطق الشعبية مقارنة بالمناطق الأخرى في العاصمة.
(غ،ي)، طبيب جراح من بغداد، طلب الإشارة إلى أسمه بالحرفين الأوليين فقط، يقول
بأنه تعرض للكثير من التهديدات، بسبب وفاة أشخاص أجرى لهم عمليات جراحية
أو حتى بسبب تدهور أوضاعهم الصحية دون تداخل جراحي:”البعض يحمل الطبيب
المسؤولية بسبب جهلهم وعدم معرفتهم بأن سبب الوفاة أو تدهور حالة المريض،
لا دخل للطبيب الجراح بها”.
ويشير إلى أن إخلاء الطبيب مسؤوليته، من خلال توقيع قريب للمريض على تحمل
مسؤولية إجراء العملية “لم تعد كافية، فالكثير من الإعتداءات على الأطباء تحدث
على الرغم من ذلك، هي ورقة تحمي الطبيب أمام القانون، لكنها لاتحميه أمام العشيرة
والشارع !”.
الطبيب الجراح يؤكد بأن هنالك الكثير من حالات الإعتداء اللفظية وحتى الجسدية
فضلاً عن التهديدات المضمنة ضد الأطباء، لايتم تحريك دعاوى بشانها، ويتم التعامل
معها أما بالسكوت عنها أو حلها وديا، لأن الطبيب في العادة يخشى الدخول في مشاكل
قانونية وعشائرية، لأن “مكان عمله معلوم في المستشفى أو العيادة، كما أنه يخشى على
سمتعه من التأثر إذا دخل في نزاع ما”.
هل القانون رادع؟
الإعتداءات المتكررة ضد الأطباء بسبب أعمالهم في عياداتهم الشخصية أو المستشفيات
والمراكز الصحية الحكومية المنتسبين لها أو المستشفيات الأهلية، أفرزت الحاجة إلى قانون
خاصة لحمايتهم، وهكذا تمت المصادقة على قانون حماية الأطباء رقم(26)لسنة 2013.
ويرى المختص بالشان القانوني طلال غازي سمير، أن القانون هذا يوفر الحماية للأطباء
من الإعتداءات وأيضاً الممارسات العشائرية، ويمنحهم كذلك ضمانات إجرائية لممارسة مهنتهم.
فمن حيث الحماية من الإعتداءات، يقول بأن المادة(5)من القانون توقع عقوبة على من يهدد
الطبيب بمطالبات عشائرية أو غير قانونية بسبب نتائج عمله بالحبس مدة لاتقل عن ثلاثِ
سنوات وبغرامة لاتقل عن عشرة ملايين دينار. في حين تعاقب المادة(6)من القانون كل من
يعتدي على طبيب أثناء ممارسته مهنته أو بسبب تاديتها، بالعقوبة المقررة لمن يعتدي على
موظف أثناء تأدية وظيفته أو بسببها.
وبالرجوع إلى العقوبات المقررة في القانون العراقي لمن يعتدي على موظف أثناء تأدية
خدمته، نجد بأن المادة 229 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، تعاقب بالحبس كل
من “أهان أو هدد موظفا أو أي شخص مكلف بخدمة عامة أو مجلساً أو هيئة رسمية أو
محكمة قضائية أو ادارية أثناء تادية واجباتهم أو بسبب ذلك”.
كما تعاقب المادة 230 من ذات القانون بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بغرامة
لا تزيد على ثلاثمئة دينار كل من “اعتدى على موظف أو أي شخص مكلف بخدمة عامة
أو مجلس أو هيئة رسمية أثناء تأدية واجباتهم أو بسبب ذلك وتكون العقوبة الحبس أو
الغرامة إذا حصل مع الاعتداء والمقاومة جرح أو أذى”.
القانوني طلال، يلفت إلى أن قانون حماية الأطباء، يوفر الحماية لهم كذلك من اتخاذ الإجراءات
الجنائية ضدهم كذلك، إذ تنص المادة الثالثة على:”لا يجوز إلقاء القبض أو توقيف الطبيب
المقدمة ضده شكوى لأسباب مهنية طبية الا بعد إجراء تحقيق مهني من قبل لجنة وزارية مختصة”.
والقانون يمنح للطبيب الحق بحمل وحيازة سلاح شخصي(مسدس)، وقيام وزارة الداخلية
بالتنسيق مع وزارة الصحة بفتح مراكز للشرطة مخصصة لحماية العاملين في المؤسسات
الصحية التي تتطلب حماية خاصة بناءً على الموقع أو أعداد المراجعين أو ظروف المنطقة
الموجودة فيها .
كما يلزم القانون وزارة الصحة ونقابة الأطباء بمتابعة الشكوى القضائية ضد المعتدي على
الطبيب أثناء أداء واجبه الرسمي في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.(هذا ومن خلال
متابعة معد التحقيق غير مفعل في المحاكم العراقية حالياً).
ولكن هل هذا كافٍ لحماية الأطباء، وإقناع النازحين والمهاجرين منهم بالعودة؟ يجيب عن
ذلك المحامي محمد حامد، بقوله”ضعف الدولة وأجهزتها مقابل سطوة العشيرة، والسلاح
المنفلت في الشارع، تبقي الطبيب وغيره من المكلفين بتقديم خدمات عامة أو خاصة
عرضة لإعتداءات والتجاوزات، وحتى اللجوء الى القضاء لايمنع ذلك عنهم، بل قد تكون
سبباً إضافياً للإنتقام منهم”.
ويطالب المحامي، نقابة الأطباء العراقيين بالتواصل مع مجلس النواب العراقي، من أجل
تشديد العقوبات التي يفرضها قانونا العقوبات وحماية الأطباء على المعتدين:”لأنها لم تعد
متوافقة مع حجم الضرر الذي يخلفه الإعتداء على الطبيب، فتأثير توقفه عن العمل، لن
يقتصر ضرره على دخل الطبيب الشهري، بل على مراجعيه في عيادته، وكذلك المرضى
في المستشفى أو المركز الصحي الذي يعمل فيه، وليس من السهل تعويضه”.
وبناء على ذلك، يعتقد المحامي محمد، بأن القانون العراقي غير رادع بما يكفي:”وهذا
ما يفسر عدم لجوء الأطباء في غالب الأحيان لتقديم شكاوى لدى مراكز الشرطة
والجهات التحقيقية عند تعرضهم للإعتداء أو محاولة الأعتداء او التهديد بذلك”.
جميلة، أسم مستعار لطبيبة نسائية معروفة في مدينة الموصل(405كم)شمال بغداد، تقول
بأنها تعرضت إلى إبتزاز قبل نحو سنتين من قبل عصابة هددتها بالقتل إن لم تدفع لها
مبلغ 20 ألف دولار، وأنها فكرت باللجوء إلى الأمن الوطني، ولا سيما أنه كان قد
نجح سنة 2019 في القبض على عناصر عصابة مشابهة ابتزت زميلاً لها في الجانب
الأيسر للمدينة، وهو طبيب وأستاذ جامعي في ذات الوقت.
“لكنني خشيت أن يتطور الأمر إلى أكثر من مجرد ابتزاز، فقمت بالاستعانة بأقرباء لي
لحمايتي في العيادة، ولدى ذهابي أو عودتي من المستشفى، وفي نفس الوقت التفاوض
مع المبتزين، وعشت أياماً صعبة جداً، إلى أن حصلت العصابة على جزء مما طلبته،
عندها فقط كفت عن مضايقتي”.
وتذكر بأن أطباء وطبيبات كثر من نينوى، غادروا للعمل في إقليم كردستان والامارات
العربية المتحدة وغيرهما ، بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة لغاية تحرير المحافظة
من داعش منتصف 2017، وأن غالبيتهم العظمى يرفضون العودة الآن.
وتستدرك:”فكرت كثيراً بنقل عيادتي إلى محافظة دهوك، والعمل في واحدة من مستشفياتها،
مازلت أفكر في ذلك حقيقة، وأرجو أن لاتدفعني تجربة ابتزاز أخرى لأتخاذ قرار الرحيل”.
ولكن ليس جميع عمليات إبتزاز الأطباء تنجح، إذ أن الأجهزة الأمنية تعتقل بين الحين
والآخر متورطين بجرائم مماثلة، كما حدث في السادس والعشرين من نيسان/2024، عندما
نشر جهاز الأمن الوطني العراقي مقطع فديو يظهر اعترافات أفراد عصابة قامت بتهديد
مواطنين في محافظة ديالى وسط البلاد، وكان بينهم أطباء.
دعاوى قضائية
تلقت لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب العراقي، استفسارات عديدة من أطباء
تعرضوا إلى اعتداءات وابتزاز وتهديدات عشائرية أثناء أداء مهامهم في المؤسسات
الصحية، فقامت اللجنة بمفاتحة مجلس القضاء بموجب الكتاب المرقم (ل.ص58)
الصادر في 28/2/2023، وتضمن استفساراً لبيان التكييف القانوني الخاص بتقديم
الشكاوى الجزائية ضد المعتدين على الملاكات الطبية وآلية العمل الحالية المطبقة.
ووجدنا الرد على ذلك في بحث نشرته هيئة الإشراف القضائي، رقمه 202/45، بأن
المادة (1 / أ ) قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل نصت على
أن تحريك الدعوى الجزائية يكون بشكوى شفوية أو تحريرية تقدم إلى حاكم التحقيق أو المحقق
أو أي مسؤول في مركز الشرطة أو أي من أعضاء الضبط القضائي من المتضرر من الجريمة.
أو من يقوم مقامه قانوناً أو أي شخص علم بوقوعها أو بإخبار يقدم إلى أي منهم من الادعاء
العام ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ويجوز تقديم الشكوى في حالة الجرم المشهود
إلى من يكون حاضراً من ضباط الشرطة ومفوضيها.
وأن تقديم الشكوى من قبل الممثل القانوني نيابة عن الأطباء الذين وقع عليهم الاعتداء
باعتبارهم ضمن المؤسسة الصحية التي تمتلك الشخصية المعنوية لا تغني عن تدوين أقوال
الطبيب المعتدى عليه بصفة مشتكي سواء في المؤسسات الصحية الحكومية أوغير الحكومية.
وقد أجاز مجلس القضاء الأعلى عن طريق الاعمامات الصادرة إلى محاكم الجزاء بضرورة
قبول الإخبارات المقدمة من قبل الممثل القانوني لوزارة الصحة عن الاعتداءات التي يتعرض
لها الأطباء أو الكوادر الصحية من جراء الخدمة الوظيفية أو بسببها.
وتدوين أقوالهم بصفة مخبرين أو شهود بشان الحادث إذا كانت لهم شهادات عيانية على
أن لا يغني ذلك عن تدوين اقوال الطبيب بصفة مشتكي، ولكون الحق الغالب في مثل هذه
القضايا هو الحق العام، لذا لا تنقضي الدعوى بالتنازل أو الصلح لأي سبب وإن “تنازل
الطبيب المعتدى عليه أو قبل الصلح لا يؤثر ذلك على مسارات الدعوى الجزائية أما الجانب
المدني فتنازله ينسحب على حقه في المطالبة بالتعويض”.
الجهل
قاضي محكمة تحقيق الكرخ عامر حسن، يقول بأن ظاهرة الأعتداء على الكوادر الطبية
سببها:”الجهل وعدم معرفة الكثير من الناس لطبيعة عملهم، والذي يتمثل ببذل عناية،
لا بتحقيق غاية”.
ويوضح:”الطبيب وبقية العاملين بالأوساط الطبية يقع عليهم واجب بذل العناية الطبية
المعتادة، أي القيام بالكشف الطبي وإجراء الفحوصات وإعطاء العلاجات والتطبيبات
اللازمة، شريطة أن لاترتكب من قبلهم أخطاء طبية جسيمة، تضعهم تحت طائلة القانون”.
وهو يرى بأن بث الوعي بهذا الجانب، فضلا عن إنزال العقوبات الرادعة، كفيلان بحل مشكلة
الإعتداء على الكوادر الطبية.
نقيب الأطباء فرع النجف، الدكتور حيدر جابر الشبلي، ذكر في تصريحات صحافية أن
الإعتداءات على الكوادر الطبية متكررة وتقع بنحو شبه يومي”بعضها يمكن تجاوزها
بسبب الحالة النفسية للمراجعين”.
ويستدرك:”غير أن هنالك تجاوزات تكبر يوماً بعد يوم” بسبب ما يصفها إختلاف أخلاقيات
المجتمع، جراء عدم تطبيق القوانين بنحو حازم، ولا سيما القانون الذي شرع لحماية
الكوادر الطبية في المؤسسات الحكومية.
ويلفت إلى أن الإعتداءات على الكوادر الطبية تقع فقط في “المؤسسات الحكومية بينما في
المؤسسات الأهلية لايكون هنالك تجاوزات عليهم”
وتحدث الشبلي عن اعتداء وقع على الكوادر الطبية في مستشفى مدينة الصدر بالمحافظة
في 28/مارس آذار2024، بسبب مرافقة ما يقرب من 20 شخص لأحد الراقدين في
العناية المركزة بقسم الطوارئ”وعندما طلب منهم موظفو الإستعلامات المغادرة، قاموا
بالإعتداء عليهم، وفعلوا ذلك أيضاً مع الكوادر الطبية”.
فديو لإعتداءات على كوادر طبية في مستشفى مدينة الصدر
واتهم الجهات الرسمية المعنية بالتهاون في ملف حماية الأطباء، وبعض المسؤولين وأعضاء
مجلس المحافظة بالتجاوز على الكوادر الطبية لدى زياراتهم للمستشفى:”اذا هم فعلوا ذلك
فكيف بالمواطن العادي؟” يتساءل نقيب أطباء النجف.
مصدر من نقابة الأطباء في العاصمة بغداد، تواصل معه معد التحقيق في مطلع تشرين
الثاني/نوفمبر 2024، وطلب عدم الإشارة إلى أسمه، يحمل بعض الأطباء مسؤولية مرور
الإعتداءات الواقعة عليهم سواءً كانت جسديةً أم لفظية دون معاقبة الجناة، بسبب جهلهم
لما يتوجب عليهم فعله أو بجسامة ما يتعرضون له، ويبين:”الإعتداء على طبيب يعني
بالمحصلة إعتداء على المهنة، وترك الجناة، يعني منحهم فرصة لتكرار اعتداءاتهم”.
كما يؤشر أيضاً امتناع العنصر النسوي في الكوادر الطبية عن المضي في شكاوى بعد
الاعتداء أو التجاوز عليهن، ويبين السبب:”لاتحرك الشكوى من قبل ممثل المؤسسة
الصحية التي تعمل بها، فتضطر لأن تقدم شكواها بنفسها في مركز الشرطة المختص
بالمنطقة ومن ثم تحال الشكوى الى قاضي التحقيق، وهي إجراءات مطولة، تتنافى أصلا
مع ثقافة المجتمع المتشدد والريفي في الكثير من أنحاء العراق، والذي يضع المحاذير
على مراجعة النساء لمراكز الشرطة والمحاكم حتى وإن كن طبيبات”.
وذكر بأن الغالبية العظمى من الإعتداءات التي تطال الأطباء، لايعرف بها أحد لولا وسائل
التواصل الاجتماعي التي تسلط الضوء عليها ويطالب الناشطون فيها الجهات المعنية للتحرك
من أجل حماية الأطباء.
ويقول أيضاً:”الطبيب يحتاج إلى الحماية بنحو جدي، لأن نزوحه أو هجرته أو تعرضه للخطر
سيترك فراغاً، يؤثر بالنتيجة على المجتمع، لأنه على تماس مباشر بهم ووجوده ضروري
بالنسبة لحياة الأفراد”.
وللتاكد مما ذهب إليه المصدر في نقابة الأطباء وجد معد التحقيق في وسائل التواصل
الاجتماعي كـ(فيس بوك) العديد من الأخبار المتداولة في حسابات تعود لناشطين عراقيين،
عن اعتداءات وقعت ضد الأطباء خلال السنوات الثلاث المنصرمة.
أحدها نشر في 22شباط/يناير2023، وكان عن أغتيال طبيب مختص بالقلب أسمه أحمد
طلال المدفعي، بعد خروجه من عيادته في شارع الطابو وسط بعقوبة. وخلال أشهر
من ذات السنة، كان ناشطون يتداولون منشورات بشان أطباء يتلقون تهديدات عبر
رسائل نصية هاتفية، منها”جاك السرة” أي حان دورك!.
في السادس من آب/أغسطس2023، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بخبر العثور
على جثة الطبيب حمزة كريم من العاصمة بغداد، في(شط الكحلاء) على بعد 35 كم عن
مدينة العمارة مركز المحافظة، وذلك بعد يومين على اختطافه من قبل جهة مجهول،
الطبيب المغدور كان مقيماً دورياً في مستشفى الشهيد الصدر التعليمي بمحافظة ميسان.
وفي 13 نيسان/أبريل2024 تم تداول خبر عن أغتيال المساعد الصيدلي عمر خليل سليمان
من ناحية زمار شمال غربي محافظة نينوى.
كما تم تداول العديد من مقاطع الفديو التي تظهر اعتداءات على الكوادر الطبية،
منها ما نشر في 28مارس/آذار2024، ويظهر مجموعة من الأشخاص
وهم يعتدون على الكوادر الطبية في طوارئ مستشفى الصدر بمحافظة
النجف(ذات الواقعة التي أشار إليها نقيب الأطباء فرع النجف)
وفيدو آخر يظهر إعتداء مجموعة من الأشخاص على الكوادر الطبية في مستشفى
الخطيب بالعاصمة بغداد يوم 4آب/أغسطس2024،
وفي الثالث من أيار/ماي2024، تم العثور على جثة عميد كلية طب المستنصرية
الأسبق الطبيب د. فيصل الحويزي، بمنزله في محافظة النجف، ووصفت الأجهزة
الأمنية جريمة مقتله بأنها بشعة، في حين طالبت نقابة اطباء النجف الجهات الامنية في
المحافظة بالكشف عن القتلة وتوفير الحماية للكفاءات العراقية الطبية وغيرها.
عاملون ضمن الكوادر الطبية في مستشفيات ومراكز صحية عديدة بالعاصمة بغداد ومحافظات
البصرة ونينوى والنجف تواصل معهم معد التحقيق، تحدثوا عن تجاوزات واعتداءات يومية
يتعرضون لها، سواءً من قبل المراجعين واقربائهم أو من قبل منتسبي الأجهزة الأمنية أو
مسؤولين وأفراد حماياتهم.
واشتكوا من قلة عناصر الحراسة والحماية في المؤسسات الصحية التي يعملون فيها، وقالوا
بأن أعدادهم قليلة جداً، ولا يكون بوسعهم فعل شيء عندما تقع التجاوزات والاعتداءات،
ولا سيما أن المستشفيات الكبيرة، يراجعها الآلاف كل يوم.
قبلية
طبيب من العاصمة بغداد متخصص بالباطنية، طلب مثل العديد من الأطباء الذين تواصل
معهم معد التحقيق عدم ايراد أسمه، ذكر بأنه يشعر بالقلق عندما ترده حالة ويعرف بان
صاحبها ذات خلفية عشائرية:”لأن تدهور وضعه الصحي قد يضعني هدفاً للإنتقام”.
ويشير إلى أن المراجعين للمشفى يتهمون الكوادر الطبية بشتى الاتهامات، منها الإهمال
وعدم صرف الادوية والأخطاء الطبية: “في حين أن معظم ما نتهم به لانتحمل مسؤوليته،
فتوفير الادوية والمستلزمات الطبية وعدم وجود الكوادر هي مسؤولية إدارة المشافي
والمراكز الصحية”.
ويذكر أن حالات اعتداء كثيرة وقعت ضد أطباء في المستشفيات والمراكز الصحية، دون
أن يكون هنالك”أي إجراء أمني ضد المعتدين، وبدلاً من ذلك تم اللجوء الى الفصل
العشائري في قضايا كثيرة اطلع على بعضها بنفسه وأخرى سمع بوقوعها من زملائه
في مشافي أخرى”.
أحدى تلك الحالات التي أشار لها طبيب الباطنية وقعت في مستشفى مدينة الطب بالعاصمة
بغداد، في بداية تشرين الثاني/نوفمبر 2024، إذ اعتدى مجموعة من الأشخاص، على
الطبيبين نور الدين مهند الجبوري، وغيث رياض طعمة الخزرجي، خلال فترة خفارتيهما
المسائية بسبب وفاة شخص من أقرباء المعتدين، كان يعاني من مرض مزمن، وحملوهما
مسؤولية موته.
وبدلاً من تدخل الأجهزة الأمنية وإحالة المعتدين إلى القضاء لكونهم اعتدوا على موظفين
أثناء تأديتهما وظيفتيهما، عقدت جلسة(فصل عشائري)فقاً لمصدر مطلع حضر تلك الجلسة
التي استضافها مضيف الشيخ مصطفى عبد الله المهيدي(شيخ فخذ الأسماعيل من قبيلة الجبور
ألبو عميرة)في منطقة الدورة جنوبي بغداد بتأريخ 15/11/2024.
وطلب فيها وفد من عشيرة(السادة المعامرة) الطرف العشائري للأشخاص المعتدين، حل
المشكلة عشائريا، وذكر المصدر أن عشيرة الطبيب:”تنازلت عن الدية المالية المطلوب دفعها
والموافقة على إنهاء المشكلة بنحو سلمي، على أن تقوم العشيرة الأخرى بتقديم اعتذار للطبيب
وزميله في المحل الذي وقع فيه الإعتداء”.
وهذا ما حدث بالفعل، إذ قامت عشيرة المعتدين، بتعليق لافتة داخل مستشفى مدينة الطلب
(أكبر مستشفيات بغداد، تضمنت اعتذار العشيرة وأسفها عن اعتداء أبنائها على الطبيبين
مع تقديمها الشكر لمدير المستشفى حسين التميمي”على جهوده الكريمة من أجل اصلاح ذات
البين…”، ووفقاً لمصدرنا، فان العبارة الأخيرة تشير إلى امتناع مدير مستشفى مدينة الطب
عن إقامة شكوى ضد المعتدين على اثنين من كوادره الطبية أثناء قايمهما بواجبهما الوظيفي
داخل المستشفى، وموافقته على حل القضية عشائريا!.
المشاور القانوني المتقاعد، رياض عبد العزيز، عبر عن استغرابه الشديد، من عدم قيام
إدارة مستشفى مدينة الطب بتحريك شكوى ضد المعتدين على طبيبيها، وكذلك إدارات باقي
د المشافي في بغداد أو باقي المحافظات العراقية التي تقع فيها اعتداءات على كوادرها الطبية.
ويقول بأن الإعتداء على أي موظف يقدم خدمة طبية في المؤسسات الصحية، هو اعتداء على
تلك المؤسسات، وأن البند (أولاً) من المادة العاشرة من قانون حماية الأطباء رقم(26)
لسنة 2013 منح وزارة الصحة الحق في متابعة الشكوى القضائية ضد المعتدي على الطبيب
أو أي موظف في القطاع الصحي أثناء تأديته لمهام عمله او وظيفته الرسمية في المؤسسات
الحكومية.
معد التحقيق تواصل مع محامين في محاكم استئناف منطقة الرصافة، أجمعوا على أن
المحاكم لا تلتفت إلى الشكاوى التي يقدمها الممثل القانوني لدوائر الصحة أو حتى غيرها
من الدوائر الحكومية، والقضاة يطلبون حضور المعتدى عليهم بأنفسهم لتقديم الشكاوى.
وأكدوا أن الغالبية العظمى من الشكاوى التي تقدم بها أطباء ضد معتدين عليهم تم التنازل
عنها بالتراضي، وتحدثوا عن ضغوطات تمارس على الأطباء، وحتى تهديدات يتلقونها
تجبرهم على الصلح والتنازل ومن ثم تغلق الدعاوى، مع انها واقعة الاعتداء على الطبيب
من الجرائم التي لايجوز فيها الصلح.
وأجمع المحامون على أن ذلك يعد تجاوزاً صريحاً على القانون”لأن الطبيب يتنازل عن حقه
الشخصي، وليس الحق العام، لكونه موظف مكلف بأداء خدمة عامة، وعلى القضاء ان يأخذ
حق المجتمع من الجناة” هذا ما أصر عليه أحد المحامين.
حلول
العديد من المقترحات قدمت خلال السنوات الأخيرة لحل مشكلة الإعتداءات التي يتعرض
لها الأطباء في العراق، بعضها شرع كقوانين، مثل جواز حملهم وحيازتهم للأسلحة
لحماية أنفسهم أو تخصيص مراكز شرطة قريبة من المؤسسات الصحية وعقوبات ضد المعتدين.
غير أن هنالك من يعتقد بأن ثمة أشياء أخرى ينبغي القيام بها لمنع أو تقليل الإعتداءات على
الأطباء، من بينهم الباحث الأكاديمي شامل رمزي، الذي يرى بأن الحل الرئيسي يتعلق بالمجتمع
ذاته، ويرى أنه لابد من بث الوعي لدى المواطنين بأن يسلكوا الطرق القانونية لمساءلة الأطباء
إذا ما أعتقدوا بأنهم تسببوا بوفيات جراء أخطاء أو إهمال من قبلهم.
ويقول:”المتهم بريء حتى تثبت ادانته، وعليه فلا بد من أن يعرف ذوو المتوفى أو المصاب
بعاهة نتيجة ما يعتقد أنه خطأ طبي، أن هنالك قنوات معينة تقدم عبرها الشكاوى، لإجراء
تحقيقات ضمن المؤسسة الصحية أو وزارة الصحة، وهنالك أيضاً المحاكم. والإعتداء لن
يجدي شيئاً، بل قد يحمي ذلك الطبيب المخطيء، ويبرء ساحته”.
ودعا كذلك إلى بيان ذلك لوجهاء العشائر، لكي لايقدموا على محاسبة الأطباء خارج
السياقات القانونية:”هذا يفقد ثقة الطبيب بالمجتمع وبنحو كبير، وأيضاً تقل كفائته المهنية لوقوعهَ
تحت الضغط والتهديد، كما لايجوز أن يكون هنالك قانونان في البلاد، أحدهما تطبقه المحاكم
والآخر مجالس العشائر!”.
قاضي محكمة تحقيق منطقة الرصافة في بغداد، حميد منصور، يدعو إلى تشريع قوانين تنظم
المسؤولية عن الأخطاء الطبية”من أجل بث الإطمئنان لدى المعنيين من الأطباء والمواطنين
على حقوقهم”.
ويرى ان من المهم تشكيل لجنة مشتركة من مجلس القضاء الأعلى ووزارة الصحة
ونقابة الأطباء، لرصد:”ظاهرة الأعتداءات على الكوادر الطبية ووضع الحلول الآنية
والمستقبلية لها”وتنظيم حملات إعلانية توعوية وورش عمل:”لإظهار أهمية عمل الكوادر
الطبية والصحية بالنسبة للدولة والمجتمع”.
وأن تقوم وزارة الصحة بإنجاز التحقيقات الإدارية التي تجريها بشأن الأخطاء الطبية
بسرعة، “وإفهام المواطنين بحقوقهم وواجباتهم الطبية والقانونية” ويستدرك:”ينبغي توعية
المواطنين بحقوقهم القانونية وكيفية الحصول عليها بعيداً عن المطالبات العشائرية والتهديدات”.
الحقوقي عبد الغني مصطفى(يعمل في مجال الشركات ويهتم بدراسة الظواهر الإجتماعية)،
يجد أن من الضروري تفعيل وتطبيق أحكام قانون حماية الأطباء رقم (26) لسنة 2013
ولاسيما المادة الخامسة منه التي نصت على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات
وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار كل من يدعي بمطالبة عشائرية أو غير قانونية ضد
طبيب عن نتائج أعماله الطبية).
وأيضاً المادة السادسة التي نصت على (يعاقب كل من يعتدي على طبيب في أثناء ممارسة
مهنته أو بسبب تأديتها بالعقوبة المقررة لمن يعتدي على موظف أثناء تأدية وظيفته أو بسببها)
وتفعيل أحكام مواد قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل المتعلقة بالاعتداء
على الموظفين والمكلفين بخدمة عامة جراء ممارستهم لواجباتهم الوظيفية أو بسببها وخاصة
بالنسبة للأطباء ومنتسبي المؤسسات الصحية.
ويؤكد أهمية قبول المحاكم بالاخبارات المقدمة من الممثل القانوني لوزارة الصحة عن
الاعتداءات التي يتعرض لها الأطباء أو الكوادر الصحية جراء الخدمة الوظيفية أو بسببها،
وتدوين أقوالهم بصفة مخبرين أو تدوين شهاداتهم بشان الحوادث “إذا كانت لديهم شهادة
عيانية فضلاً عن تدوين أقوال الأطباء او العاملين في الحقل الطبي المعتدى عليهم.
وهنالك حلول أخرى عديدة مقترحة، ففضلاً عن السماح للأطباء بحمل السلاح بموجب
القانون هنالك من يطالب بتوفير حماية خاصة من أفراد الشرطة للعيادات الخاصة أو
المستشفيات والمراكز الصحية، ومضاعفة أعداد الحراس فيها، وتغليظ العقوبات ضد
المعتدين على الأطباء، واستخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ومنابر الجوامع
والحسينيات لبث الوعي لدة المواطنين بعدم الإعتداء على الأطباء.
ج،ش، طبيبُ اختصاص يعمل في مشفى حكومي بالعاصمة بغداد، أفرد سبابتهُ وإبهامه
على شكل مسدس وقال بشيء من السخرية:”ماذا أفعل به، هل أخرجه عندما يعتدي علي
شخص وأطلق عليه النار؟”، ثم يتساءل:”ماذا سيجعلني ذلك، طبيباً متخصصاً بالجراحة
العامة وقاتلاً؟”.
ويتابع بجدية:”المجتمع العراقي يعاني من مشاكل كثيرة، هنالك بطالة وفقر مدقع، وقبلية،
وميليشيات، وتجارة مخدرات، وغيرها كثير من الآفات المتراكمة فوق بعضها والتي
يمتد ضررها لجميع الشرائح والفئات وليس الأطباء وحدهم”.
- انجز التحقيق بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الأستقصائية ضمن مشروع زمالة ميدان.